هي سلسلة جبال بركانية سوداء اللون على درجة كبيرة من الاتفاع نظراً لانخفاض ما يجاورها من الأرض من جميع الجهات ، وهي مجموعة حرار تختلف عن بعضها من حيث الشكل ، إلا أنها تتكون من صخور سوداء صعبة المسالك إلا من طرق خاصة بها تسمى بالمنقار ، مما جعلها تتميز على غيرها الحصانة الحربية والمنعة أيام الغزوات في الجاهلية .
ويقع بالوسط منها جبل أبيض اللون يسمى بالرأس الأبيض ، وبالفعل أنه منزل الرأس من الجسد ، وتنحدر من الحرة أودية كثيرة جداً شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً ، فمن أودية الحرة المتجه شرقاً وادي الرمة وهو من أكبر الأودية بجزيرة العرب ، وجميع روافده المتجهة من الحرة إلى جهة الشرق ، مثل وادي الحايط والحويط والرقب الخ . وتقع الحرة من الجهة الشرقية لبلدة الحايط المعروفة قديماً بفك ، والحويط المعروف بيديع وهي بلدة قديمة جداً بها نخيل وعيون أفاءه الله على رسول صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر ، وقيل أن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها في حياته لابنته فاطمة الزهراء – رضي الله عنها – وولداها وصار بذلك اختلاف والله أعلم .
كما تقع في الحرة من الجهة الغربية بلدة خيبر وهي قرية معروفة منذ الجاهلية وهي من أخصب الواحات الزراعية بالجزيرة العربية وأقدمها ، وتسمى أودية الحرة الغربية وادي الجول ووادي السرير ووادي الغرس وجميع هذه الأودية تجتمع مع أودية حرة الكورة المعروفة قديماً بحرة ليلى ، وتفيض باتجاه الغرب إلى ساحل البحر الأحمر .
ويحد ديار بني رشيد من الشرق روافد وادي الرمة المنحدرة من الحرة نفسها ، ومن الشمال الغربي السهول الممتدة بينها وبين تيماء المعروف قديماً باسم الجناب وهي الآن تسمى الجهرة ، ويحدها من الناحية الغربية الأودية المنحدة والتي تكون روافد وادي الحمض ، وتحدها ديار قبيلة عنزة من الشمال ويلي وجهتها من الغرب ، وتوجد بالحرة قيعان أكثرها ذات تربة صالحة للزراعة وخاصة في حرة النار ، وتوجد بها بعض الآبار القديمة المنحوتة بالصخور وخاصة في حرة الكورة (ليلى) وهذه الحرة كانت قديماً تسمى بأسماء كثيرة .
فكانت الجهة الجنوبية الشرقية تسمى بحرة فدك (الحائط الآن) ومن الجانب الشمالي الشرقية تسمى لابة ضرغط (ضغن عدنة الان) والحرة الواقعة من جهة إلى الرأس الأبيض كانت تسمى حرة النار (حرة الرأس الآن) والرأس الأبيض جبل الأبيض هو قمة الحرة وينصفها بين منطقتي المدينة المنورة وحائل ، فمن الرافد شمالي شرقي فهو تابع لإمارة منطقة حائل ، وكذلك عندما كانت المدينة المنورة لحكم الشريف وحائل تابعة لإمارة آل الرشيد من شمر قبل العهد السعودي .
أما سكان هذه الديار المنيعة فهي قبيلة بني رشيد العبسية الغطفانية ، ولا يفصل بين قسميها في نجد والحجاز أي قبائل أخرى ، كما تجاور بني رشيد من الجنوب مع قبيلة حرب ، واستيطان قبيلة بني رشيد لهذه الديار العبسية الغطفانية من القدم بعد تفرق غطفان وانضواء باقيها تحت قيادة رشيد (الزول) العبسي منذ ما يزيد عن سبعة قرون ، وقد تغير اسم غطفان واسم قبائلها من عبس وفزارة وأشجع تحت اسم قوم رشيد العبسي ، وأما بنو عبد الله بن غطفان فقد تغير اسمهم كما هو معروف إلى مطير التي تقع ديارهم إلى الشرق من ديارها إلى الشرق من ديار بني رشيد ، وغنى عن العريف أن أسماء قبائل مشهورة في الجزيرة العربية قد تغيرت مثل طي التي تغير اسمها إلى شمر ، وجشم وبني سعد من هوزان اللذان تغير أسمهما إلى عيبة وبني عامر من هوازن تغيرت بأسماء قبائل سبيع وبني هلال والمنتفق وعيادة وخفاجة والسهول ، وبكر بن وائل وتغلب بن وائل إلى عنزة ، ومدجج إلى قحطان ، وغيرها الكثير .
وأورد قصيدة لابن عجوين توضح ديار بني رشيد وأصولها العبسية :
يا جاهل فينا تسمع للأخبار
تسمع علوم الطيب و الطيبينا
حنا بني رشيد بالعز والكار
بديارنا وحدودنا بينينا
ندر الخوي ونكرم الضيف والجار
ونصبر على البلوي ليا من بلينا
ودخيلنا كنه بعيطاء عن النار
]كل يهيبه من سواعد يدينا
حنا سلايل عبس ما ضين الأذكار
لسلومنا وجدودنا حافظينا
ابن عبس بن بغيض في قر وقرار
أحفاد ريث من قديم السنينا
أحفاد غطفان وسعد ماض الأخبار
من قيس عيلان منا وفسينا
وابن مضر هو ساسنا وابن نزار
وابن معد دويننا مسلمينا
جانبنا نسبة الناس الأخيار
من سلية عدنان متسللينا
حدودنا وجدودنا ما بها إنكار
لحدودنا وجدودنا عارفينا
وادي الرمة نأخذ به يمين ويسار
على العلم والضغن والشعبتينا
وليا بأبانات المطلات معبار
أربوعنا لحدودهن محتمينا
الخير فعالة وللشر قهار
ويضي وأيضاء على هدى النب مهتدينا
موسوعة القبائل العربية لمحمد سليمان الطيب
قال الأستاذ ناصر بن عياضة بن عجوين الرشيدي
وما قاله ناصر بن عياضة بن عجوين الرشيدي
قال الأستاذ ناصر : تقع معظم بلاد بني رشيد غرب نجد وفي الحجاز مخترقين وادي الرمة وحرة فدك وهي حرة بني رشيد حديثاً وحرة النار إلى مناهل أباء المسميات منهل سبا ، ومنهل اسهكان واللاتي يقعن بالجهة الجنوبية الغربية من خيبر ببعد 70 كلم متراً تقريباً ، ومن الجهة الجنوبية إلى المدينة المنورة ، ومن الشرق جبال العبيد ، وجبال أبانات بالقصيم ، وهن عائدات لفخذ المضابرة من قبيلة رشيد ، وقرية عين بن قنور ، وقرية مشرفة ، وقرية الودي وما حولها من القرى العائدة لقبيلة بني رشيد ، وهن لفخذ العونة والعجارمة من قبيلة بني رشيد .
وأضاف قائلاً عن بعض الجبال والأودية التي تسكنها قبيلة بني رشيد بنجد إن ديار بني رشيد واسعة الكناف لا مجال لحصر ما بها من أودية وجبال ، ولكن من الواجب الإشارة إلى بعض الجبال والمواقع التي دونها التاريخ وتغيرت بفعل أسمائها حديثاً تغييراً طفيفاً ، مثل حرة فدك التاريخية ، وحرة النار المعروفة الان في حرة بني رشيد ، وروضة الأجداد المعروفة حديثاً بقرية روض ابن هادي ، وقرية ابنوان ، والخفج ، والصخنة ، وضريغط ، والفقي ، المعروفات قديماً في ضغن عدنه جبل أثقب المعروف قديماً في جبل ِأثقب المعروف قديماً في جيبل يثقب ، وجبل محجرة الذي ورد ذكره في أشعار عنترة العبسي ، ومازال يحمل هذا الاسم حتى يومنا هذا، وموقعه في الشمال من روض الأجداد وروض ابن هادي ، وقرية ووادي الرقب المعروف قديماً في الرقم ، ووادي الرمة من أكبر الأودية بالجزيرة العربية المعروف قديماً (بوادي ذرمة) من أكبر الجبال في بلاد قبيلة بني رشيد جبال العلم وهي جبال ذات فروع تخللها الأودية ، ومناهل المياء ، وقد أقيمت بها قرى وهجر ، وجيال أبانات في شهر الجبال بنجد وجبل الأبيض ، وهما جبلان أبيضا اللون في حرة فدك من ناحية الغربية وشرق حرة النار .
يقع جبل كنان في سفح حرة فدك جنوباً من العين ، وجبل البصر ويقع شمال غرب جبل كنات ، وجبل الفرس ويقع بين قرية الحميمة وقرية أفيعية ، وجبل الإكليل المعروف قديماً في جبل اللكيك وهو يقرب من الرأس الأبيض ، وشعيب الحرمل المعروف قديماً بذات الحرامل وهو في أعالي شعيب المجصة الشمالية والذي ورد ذكرهما بشعر عنترة بن شداد العبسي عند مطلع قصيدته التي دونت بديوان عنترة تحت عنوان
(خير من معمم مخولي ) :
طال الشواء على رسوم المنزلي
بين اللكيك وبين ذات الحراملي
ويقعان في سفوح حرة فدك من الجهة الجنوبية الغربية شعيب وادي الرمث ، وعشيب ضال المعروف قديماً في ثال ، حيث ورد ذكرهما في ديوان عنترة أيضاً بقوله :
وبني صياح قد تركنا منهم
جزرا بذات الرمث فوق أثال
وكلاهما يقعان غرب أبي الصبان .
وقرية (الثمد) المعروفة قديماً في ثمهد وتقع ما بين خيبر والمدينة المنورة والذي ذكرها عنترة بقصيدته التي دونت في ديوانه بعنوان (قالوا اللقاء غداً) عند قوله :
بين العقيق وبين برقة ثمهد
ظلل لعبلة مستهل المعهدي
يوجد في هذه المواقع من بلاد بني رشيد وخاصة في حرة النار وحرة فدك وحرة ليلى وأطراف الحجاز سدود قديمة وآبار يعود تاريخها إلى ما قبل الإسلام مثل بئر العبسية التي حفرها رجال من قبيلة بني عبس وأطلق عليها اسم العبسية وهو اسم تعرف به حتى الآن ، بئر المطيوي ، بئر الروية في سبأ ، بئر مشرفة ، بئر الطبقاء ، بئر المروة ، بئر الهدنة ، بئر برك ، بئر النويبع ، بئر البرادي ، بئر المجصة ، بئر الكهفة ، هذه كلها آبار قديمة ذات تصميم جاهلي يتكون من الحجر المؤلف على شكل طوب مليس بالجص ، وبعض منها منحوت في صخور صلبة ولكنها منبسطة الشكل في سفوح الجبال وكثير منها يوجد بها مياه غزيرة وعذبة ، وأقيم عليها زراعات وقرى ذات واحات خضراء ، أما عن السدود فهي مبنية كذلك من الحجر الجص وأضخمها سد البنت وبعده سد الحصيد وسد سدير الحرة وهي غير حرة الكورة ، ويتزامن بناؤها مع بعض ، ويقال أن بناءها يعود إلى عهد العمالقة وكذلك بعض الآبار المنحوتة في الصخور .
إن هذه الديار التي تم ذكرها هي ديار قبيلة بني رشيد ، ومن المؤمن به قبيلة بني رشيد هي قبيلة عبس من غطفان
حيث مساكن بني عبس في حرة النار وليلي وحرة فدك ووادي الرمة إلى يثرب (المدينة المنورة) وجبال أبانات ، ولقد تغير اسم قبيلة بني عبس إلى قبيلة بني رشيد كأمثالها من قبائل العرب في الجزيرة العربية وخارجها